فصل: فصل يثبت الخيار بالإعسار بالكسوة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 كتاب النفقات

لوجوب النفقة ثلاثة أسباب ملك النكاح وملك اليمين وقرابة البعضية فالأولان يوجبان النفقة للمملوك على المالك ولا عكس والثالث يوجبها لكل واحد من القريبين على الآخر لشمول البعضية والشفقة ويشتمل الكتاب على ستة أبواب أما نفقة الزوجة فواجبة بالنصوص والإجماع وفيها ثلاثة أبواب‏.‏

 الباب الأول في قدر الواجب وكيفيته

وفيه طرفان الأول فيما يجب وهو ستة أنواع الأول الطعام أما قدره فيختلف باختلاف حال الزوج باليسار والإعسار ولا تعتبر فيه الكفاية ولا ينظر إلى حال المرأة في الزهادة والرغبة ولا إلى منصبها وشرفها وتستوي فيه المسلمة والذمية الحرة والأمة فعلى الموسر مدان والمعسر مد والمتوسط مد ونصف والإعتبار بمد النبي صلى الله عليه وسلم وهو مائة وثلاثة وسبعون درهماً وثلث درهم‏.‏

قلت هذا تفريع منه على أن رطل بغداد مائة وثلاثون درهماً والمختار أنه مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم كما ذكرته في باب زكاة النبات‏.‏

والله أعلم‏.‏

وحكى الشيخ أبو محمد قولاً أن نفقة الزوجة يعتبر فيها الكفاية كنفقة القريب وحكى صاحب التقريب قولاً أن المعتبر ما يفرضه القاضي وعليه أن يجتهد ويقدر وهذان القولان شاذان‏.‏

وحكى ابن كج عن ابن خيران وغيره أن المعتبر عرف الناس في البلد والمذهب التقدير كما وفيما يضبط به اليسار والإعسار والتوسط أوجه أحدها العادة وتختلف باختلاف الأحوال والبلاد وبه قطع المتولي وغيره‏.‏

والثاني أن الموسر من يزيد دخله على خرجه والمعسر عكسه والمتوسط من تساوى خرجه ودخله وبه قال القاضي حسين وحكاه البغوي‏.‏

والثالث عن الماوردي أن الإعتبار بالكسب فمن قدر على نفقة الموسرين في حق نفسه ومن في نفقته من كسبه لا من أصل ماله فهو موسر ومن لا يقدر على أن ينفق من كسبه فمعسر ومن قدر أن ينفق من كسبه نفقة المتوسطين فمتوسط‏.‏

والرابع وهو أحسنها وهو الذي ذكره الإمام والغزالي أن من لا يملك شيئاً يخرجه عن استحقاق سهم المساكين فهو معسر ومن يملكه ولا يتأثر بتكليف المدين موسر ومن يملكه ويتأثر بتكليف المدين ويرجع إلى حد المسكنة متوسط ولا بد في ذلك من النظر الرخص والغلاء‏.‏

فرع القدرة على الكسب الواسع لا تخرجه عن الإعسار في النفقة وإن كانت تخرجه عن استحقاق سهم المساكين‏.‏

فرع يعتبر في اليسار والإعسار طلوع الفجر فإن كان موسراً حينئذ فعليه نفقة الموسرين وإن أعسر في أثناء النهار وإن كان معسراً لم تلزمه إلا نفقة المعسرين وإن أيسر في أثناء النهار‏.‏

فرع ليس على العبد إلا نفقة المعسر وكذا المكاتب وإن أكثر ماله لضعف ملكه وفيمن بعضه حر وجهان الأصح معسر وإن كثر ماله لنقص حاله‏.‏

والثاني أن عليه ببعضه الحر نفقة الموسر إذا كثر ماله فعلى هذا إن كان نصفه حراً ونصفه رقيقاً فعليه مد ونصف‏.‏

 فصل وأما جنس الطعام فغالب قوت البلد من الحنطة

أو الشعير أو الأرز أو التمر أو غيرها حتى يجب الأقط في حق أهل البادية الذين يقتاتونه‏.‏

وعن ابن سريج أن المعتبر ما يليق بحال الزوج إلحاقاً للجنس بالقدر والصحيح الأول فإن اختلف قوت البلد ولم يكن غالباً وجب ما يليق بحال الزوج‏.‏

الواجب الثاني الأدم وجنسه غالب أدم البلد من الزيت والشيرج والسمن والتمر والخل والجبن وغيرها ويختلف باختلاف الفصول وقد تغلب الفواكه في أوقاتها فتجب ويعود الوجه السابق في الطعام أن الإعتبار بما يليق بالزوج وأما قدره فقال الأصحاب لا يتقدر بل هو إلى اجتهاد القاضي فينظر في جنس الأدم ويقدر باجتهاده ما يحتاج إليه المد فيفرضه على المعسر وعلى الموسر مثليه والمتوسط بينهما ويجب عليه أن يطعمها اللحم وفي كلام الشافعي رحمه الله أنه يطعمها في كل أسبوع رطل لحم وهو محمول على المعسر وعلى الموسر رطلان والمتوسط رطل ونصف واستحب أن يكون يوم الإعطاء يوم الجمعة فإنه أولى بالتوسيع فيه ثم قال الأكثرون إنما قال الشافعي رحمه الله هذا على عادة أهل مصر لعزة اللحم عندهم يومئذ وأما حيث يكثر اللحم فيزاد بحسب عادة البلد وقال البغوي يجب في وقت الرخص على الموسر في كل يوم رطل وعلى المتوسط في كل يومين أو ثلاثة وعلى المعسر في كل أسبوع وفي وقت الغلاء يجب في أيام مرة على ما يراه الحاكم‏.‏

وقال آخرون منهم القفال لا مزيد على ما ذكره الشافعي في جميع البلاد لأن فيه كفاية لمن قنع ويشبه أن يقال لا يجب الأدم في اليوم الذي يعطيها اللحم ولم يتعرضوا له ويحتمل أن يقال إذا أوجبنا على الموسر اللحم كل يوم يلزمه الأدم أيضاً ليكون أحدهما غداء والآخر عشاء على العادة‏.‏

فرع لو تبرمت بالجنس الواحد من الأدم فوجهان أحدهما يلزم الزوج إبداله إذ لا مشقة عليه وأصحهما لا يلزمه وتبدل هي إن شاءت‏.‏

فرع في أمالي السرخسي أنها لو صرفت شيئاً من الأدم إلى القوت أو بالعكس أو أبدلت الجنس الذي قبضته من الأدم بجنس آخر جاز ولا اعتراض للزوج وقيل له المنع من إبدال الأشرف بالأخس‏.‏

فرع لو كانت تقنع بالخبز ولا تأكل الأدم لم يسقط حقها منه كما لا يسقط حقها من الطعام بأن لا تأكل بعضه وعلى الوجه المجوز للزوج منعها من أبدال الأشرف له منعها من ترك التأدم‏.‏

فرع لها على الزوج آلات الطبخ والأكل والشرب كالكوز والجرة والقدر والمغرفة والقصعة ونحوها ويكفي كونها من خشب أو حجر أو خزف قال الإمام وغيره يحتمل أن لا يزاد في الجنس على ذلك ويقال الزيادة من رعونات الأنفس ويجب أن يجب للشريفة الظروف النحاسية للعادة‏.‏

الواجب الثالث الخادم‏.‏

النساء صنفان صنف لا يخدمهن أنفسهن في عادة البلد بل لهن من يخدمن فمن كانت منهن فعلى الزوج إخدامها على المذهب وبه قطع الجمهور‏.‏

وقيل في وجوب الخادم قولان وسواء في وجوب الإخدام كان الزوج معسراً أو موسراً أو مكاتباً أو عبداً والإعتبار بالمرأة في بيت أبيها‏.‏

فلو ارتفعت بالإنتقال إلى الزوج الخادم لم يجب صرح به في تعليق الشيخ أبي حامد‏.‏

والواجب خادم واحد وإن ارتفعت مرتبتها ولا يلزمه تمليكها جارية بل الواجب إخدامها بحرة أو أمة مستأجرة أو مملوكة أو بالإتفاق على من صحبتها من حرة أو أمة ويشترط كون الخادم إمرأة أو صبياً أو محرماً لها وفي مملوكها والشيخ الهم اختلاف وفي الذمية وجهاً ن لأن النفس تعاف استخدامها ثم إن أخدمها بمستأجرة فليس عليه إلا الأجرة وإن أخدمها مملوكته فعليه نفقتها بالملك وإن أخدمها بكفاية من صحبتها من حرة أو أمة فهذا موضع نفقة الخادم‏.‏

والقول في جنس طعامها كهو في جنس طعام المخدومة وأما قدره فقيل لا يختلف باختلاف حال الزوج بل يجب مد مطلقاً‏.‏

والصحيح أنه يختلف فعلى المعسر مد والموسر مد وثلث والمتوسط مد على الصحيح وقيل مد وثلث وقيل مد وسدس‏.‏

وفي استحقاق الخادم الأدم وجهان أحدهما لا ويكتفى بفضل المخدومة‏.‏

والصحيح نعم‏.‏

فعلى هذا جنسه جنس أدم المخدومة وفي نوعه وجهان أحدهما كالمخدومة وأصحهما وهو نصه دون نوع أدم المخدومة فرع قالت أنا أخدم نفسي وطلبت الأجرة أو نفقة الخادم لا يلزمه وأشار الغزالي إلى خلاف فيه فعلى المذهب لو اتفقا على ذلك قال المتولي هو على الخلاف في الإعتياض عن النفقة ولو قال الزوج أنا أخدمها لتسقط مؤنة الخادم فليس له ذلك على الأصح لأنها تستحي منه وتعير به وقيل له ذلك وبه قال أبو إسحاق واختاره الشيخ أبو حامد وقال القفال وغيره له ذلك فيما لا يستحى منه كغسل الثوب واستقاء الماء وكنس البيت والطبخ دون ما يرجع إلى خدمة نفسها كصب الماء على يدها وحمله إلى المستحم ونحوهما وفي هذا تصريح بأن هذين النوعين من وظيفة الخادم‏.‏

وعلى هذا إذا تولى بنفسه ما لا يستحى منه فقد تولى عمل الخادم فهل تستحق تمام النفقة أم شطرها أم توزع على الأفعال فيه أوجه وهذا فيه كلامان أحدهما ذكر أبو الفرج الزاز أن الذي يجب على الزوج كفايته في حق المخدومة الشريفة الطبخ والغسل ونحوهما دون حمل الماء إليها للشرب وحمله إلى المستحم لأن الترفع عن ذلك رعونة لا عبرة بها‏.‏

الثاني قال البغوي يعني بالخدمة ما هو حاجتها كحمل الماء إلى المستحم وصبه على يدها وغسل خرق الحيض ونحوها فأما الطبخ والكنس والغسل فلا يجب شيء منها على المرأة ولا على خادمها بل هو على الزوج إن شاء فعله بنفسه وإن شاء بغيره فالكلامان متفقان على أنه لا يتوظف النوعان على خادم المرأة والإعتماد من الكلام على ما ذكره البغوي‏.‏

قلت الذي أثبته الزاز من الطبخ والغسل ونحوهما هو فيما يختص بالمخدومة والذي نفاه البغوي منهما هو فيما يختص بالزوج كغسل ثيابه والطبخ لأكله ونحوه والطرفان متفق عليهما فلا خلاف بين الجميع في ذلك والله أعلم‏.‏

فرع تنازعا في تعيين الخادم التي تخدمها من جواريه أو من يستأجرها فهل المتبع اختيار المخدومة لأن الخدمة لها وقد تكون التي عينتها أرفق بها وأسرع موافقة أم المتبع اختيار الزوج لأن الواجب كفايتها فيه وجهان الصحيح الثاني هذا في الإبتداء أما إذا أخدمها خادماً وألفتها أو كانت حملت معها خادماً فأراد إبدالها فلا يجوز لأنها تتضرر بقطع المألوف إلا إذا ظهرت ريبة أو خيانة فله الأبدال‏.‏

فرع لو أرادت استخدام ثانية وثالثة من مالها فللزوج منعهن دخول داره‏.‏

وكذا لو حملت معها أكثر من واحدة فله أن يخرج من داره من زاد على واحدة وله أن يمنع أبويها من الدخول عليها وله أن يخرج ولدها من غيره إذا ستصحبته‏.‏

فرع إذا كانت المنكوحة رقيقة لكنها جميلة تخدم في العادة لم يجب إخدامها على المذهب وبه قطع الأكثرون لنقصها وقيل وجهان ثانيهما يجب للعادة‏.‏

فرع المبتوتة الحامل هل تستحق نفقة الخادم وجهاً ن بناهما ابن المرزبان على أن نفقتها للحمل أم للحامل إن قلنا للحامل وجبت وإلا فلا الصنف الثاني من تخدم نفسها في العادة فينظر إن احتاجت إلى الخدمة لزمانة أو مرض لزم الزوج إقامة من يخدمها ويمرضها وإذا لم تحصل الكفاية بواحدة لزمه الزيادة بحسب الحاجة وسواء هنا كانت الزوجة حرة أو أمة هذا ما أطلقه الشافعي وجمهور الأصحاب رحمهم الله في المرض ومنهم من فصل فقال إن كان المرض دائماً وجب الإخدام وإلا فلا وعلى هذا جرى الآخذون عن الإمام وإن لم يكن عذر محوج إلى الخدمة فليس عليه الإخدام ولو أرادت أن تتخذ خادماً من مالها فله منعه من دخول داره قال المتولي وعلى الواجب الرابع الكسوة فتجب كسوتها على قدر الكفاية وتختلف بطول المرأة وقصرها وهزالها وسمنها وباختلاف البلاد في الحر والبرد ولا يختلف عدد الكسوة بيسار الزوج وإعساره ولكنهما يؤثران في الجودة والرداءة وفي كلام السرخسي وإبرهيم المروذي أنه يعتبر في الكسوة حال الزوجين جميعاً فيجب عليه ما يلبس مثله مثلها‏.‏

وأما عدد الكسوة فيجب في الصيف قميص وسراويل وخمار وما تلبسه في الرجل من مكعب أو نعل وفي الشتاء تزاد جبة محشوة وقد يقام الإزار مقام السراويل والفرو مقام الجبة إذا كانت العادة لبسهما كذا قاله المتولي وعن المنهاج للجويني أن السراويل لا تجب في الصيف وإنما تجب في الشتاء وفي الحاوي أن نساء أهل القرى إذا جرت عادتهن أن لا يلبسن في أرجلهن شيئاً في البيوت لم يجب لأرجلهن شيء‏.‏

وأما جنس الكسوة فقد قال الشافعي رضي الله عنه يكسوها الموسر جميع ذلك من لين البصرة أو الكوفة أو وسط بغداد والمعسر من غليظها والمتوسط ما بينهما وأراد المتخذ من القطن فإن جرت عادة البلد بالكتان أو الخز أو الحرير فوجهان أحدهما عن الشيخ أبي محمد لا يلزم ذلك وأصحهما اللزوم وتفاوت بين الموسر والمعسر في مراتب ذلك الجنس قال الأصحاب وإنما ذكر الشافعي ما ذكر على عادة ذلك الوقت لكن لو كان عادة البلد لبس الثياب الرقيقة كالقصب الذي لا يصلح ساترا ولا تصح فيها الصلاة لم يعطها منه لكن من الصفيق الذي يقرب منه في الجودة كالديبقي والكتان المرتفع قال السرخسي وإذا لم تستغن في البلاد الباردة بالثياب عن الوقود يجب من الحطب أو الفحم بقدر الحاجة‏.‏

فرع هذا المذكور حكم لباس البدن وأما الفرش فعلى الزوج أن يعطيها ما تفرشه للقعود عليه ويختلف ذلك باختلاف حال الزوج قال المتولي فعلى الموسر طنفسة في الشتاء ونطع في الصيف وعلى المتوسط زلية وعلى الفقير حصير في الصيف ولبد في الشتاء وتشبه أن تكون الطنفسة والنطع بعد بسط زلية أو حصير فإن الطنفسة والنطع لا يبسطان وحدهما وهل عليه فراش تنام عليه وجهان أحدهما لا وتنام على ما يفرشه نهاراً وأصحهما نعم للعادة فعلى هذا يلزمه مضربة وثيرة أو قطيفة ويجب لها مخدة ولحاف أو كساء في الشتاء وفي البلاد الباردة بلا خلاف ويكون كل ذلك لامرأة الموسر من المرتفع ولامرأة المعسر من النازل والمتوسط وذكر الغزالي يجب أيضاً شعار ولم يتعرض له الجمهور والحكم في جميع ذلك مبني على العادة نوعا وكيفية حتى قال الروياني في البحر لو كانوا لا يعتادون في الصيف لنومهم غطاء غير لباسهم لم يلزم شيء آخر‏.‏

تجب للخادم الكسوة كالنفقة فلا بد من قميص وفي السراويل وجهان أصحهما عند البغوي والروياني تجب وكلام الجمهور يميل إلى عدم الوجوب وأما المقنعة فأطلق جماعة وجوبها وقال المتولي تجب في الشتاء وكذا في الصيف إن كانت حرة فإن كانت أمة لم تجب إن كانت عادة إماء البلد كشف الرأس‏.‏

قلت الصحيح القطع بالوجوب مطلقاً والله أعلم‏.‏

ويجب للخادم في الشتاء جبة أو فرو ويجب الخف للخادم دون المخدومة ويجب لها ما تلتحف به عند الخروج وأما ما يفرش وتنام فيه فقد قال المتولي لا بد من شيء تجلس عليه كبارية في الصيف وقطعة لبد في الشتاء ولا بد من مخدة وشيء تتغطى به في الليل من كساء ونحوه قال في البحر ولا يجب لها الفراش بل يكتفى بالوسادة والكساء وما وجب يجب مما يليق بالخادم جنساً ونوعاً ويكون دون كسوة المخدومة‏.‏

فرع قياس مسائل الباب أنه يجب زيادة على الجبة الواحدة حيث يشتد البرد ولا تكفي الواحدة‏.‏

الواجب الخامس آلات التنظف فعلى الزوج للزوجة ما تتنظف به وتزيل الأوساخ التي تؤذيها وتؤذي بها كالمشط والدهن وما تغسل به الرأس من سدر أو خطمي أو طين على عادة البقعة والرجوع في قدرها إلى العادة ويجب من الدهن ما يعتاد استعماله غالباً كالزيت والشيرج وغيرهما وإذا اعتادوا التطيب بالورد أو البنفسج وجب المطيب وأبدى الإمام وغيره احتمالا في الدهن إذا قال الزوج هو للتجمل وأنا لا أريده‏.‏

والذي عليه الأصحاب القطع بالوجوب وأما ما يقصد للتلذذ والإستمتاع كالكحل والخضاب فلا يلزم الزوج بل ذلك إلى اختياره فإن شاء هيأه لها وإذا هيأ لها أسباب الخضاب لزمها الإختضاب ومن هذا القبيل الطيب ولا يجب إلا ما يقصد به قطع السهوكة ويجب المرتك أو ما في معناه لدفع الصنان إذا لم ينقطع بالماء والتراب وفيه وجه ضعيف‏.‏

فرع للزوج منعها من تعاطي الثوم للزوج منعها من تعاطي الثوم وما له رائحة مؤذية على الأظهر وقد ذكرناه في كتاب النكاح وله منعها من تناول السموم بلا خلاف ولكل أحد المنع وهل له منعها من أكل ما يخاف منه حدوث مرض وجهان أصحهما نعم‏.‏

فرع لا تستحق الزوجة الدواء للمرض ولا أجرة الطبيب والفصاد والحجام والختان لأن هذه الأمور لحفظ الأصل فكانت عليها كما يكون على المكري ما يحفظ العين المكراة ويلزم الزوج الطعام والأدم في أيام المرض ولها صرف ما تأخذه إلى الدواء ونحوه‏.‏

فرع هل على الزوج أجرة الحمام لها وجهان أحدهما لا تجب إلا اشتد البرد وعسر الغسل إلا في الحمام واختاره الغزالي وأصحهما وبه قطع البغوي والروياني وغيرهما الوجوب إلا إذا كانت من قوم لا يعتادون دخوله فإن أوجبناها قال الماوردي إنما تجب في كل شهر مرة‏.‏

فرع إذا احتاجت إلى شراء الماء للغسل إن كانت تغتسل من الإحتلام لم يلزم الزوج قطعاً وكذا إن اغتسلت عن الحيض على الأصح وإن اغتسلت عن الجماع والنفاس لزمه على الأصح لأنه بسببه وينظر على هذا القياس في ماء الوضوء إلى أن السبب منه كاللمس أم لا‏.‏

فرع لا يلزمه أن يضحي عن زوجته نذرت التضحية أم لا‏.‏

لا يجب للخادمة آلات التنظف لأنها لا تتنظف له بخلاف المخدومة بل اللائق بالخادمة أن تكون شعثة لئلا تمتد إليها العين لكن لو كثر الوسخ وتأذت بالهوام لزمه أن يعطيها ما تترفه به كذا استدركه القفال واستحسنوه وأطلق صاحب العدة وجهين في أنه هل يعطي الخادمة الدهن والمشط‏.‏

فرع وجوب تجهيز الزوجة الميتة في وجوب تجهيز الزوجة الميتة وجهان سبقا في الجنائز ويجريان في تجهيز الخادمة ورأى المتولي ترتيبها على الزوجة لأن علقة النكاح تبقى في الغسل والإرث وكذا في التجهيز‏.‏

الواجب السادس الإسكان فيجب لها مسكن يليق بها في العادة وقال المتولي يليق بالزوجين جميعاً وله إسكانها في المملوك والمستأجر والمستعار بلا خلاف‏.‏

الطرف الثاني في كيفية الانفاق في هذه الواجبات هي ضربان الأول ما ينتفع به باستهلاكه كالطعام وفيه مسائل إحداًها يجب التمليك في الطعام والأدم وما يستهلك من آلة التنظف كالدهن والطين وإذا أخذت نفقتها فلها التصرف فيها بالأبدال والبيع والهبة وغيرها لكن لو قترت على نفسها بما يضرها فله منعها‏.‏

ونفقة الخادم يجب فيها التمليك أيضاً قاله الأصحاب وقد سبق أن موضع وجوب نفقة الخادم إذا أخدمها بمملوكتها أو بحرة غير مستأجرة فإن كانت مملوكتها فيملكها نفقتها كما يملكها نفقة نفسها وإن كانت حرة فيجوز أن يقال يملكها نفقتها كما يملك الزوجة وتستحق المرأة المطالبة بذلك لتوفر حق الخدمة ويجوز أن يقال يملك الزوجة لتدفعها إلى الخادمة وعلى هذا لها أن تتصرف في المأخوذ وتكفي مؤنة الخادمة من مالها‏.‏

المسألة الثانية لو قبضت الزوجة النفقة فتلفت أو سرقت لا يلزمه إبدالها‏.‏

الثالثة الذي يجب تمليكه من الطعام الحب كما في الكفارة لا الخبز والدقيق فلو طلبت غير الحب لم يلزمه ولو بذل غيره لم يلزمها قبوله وهل عليه مع الحب مؤنة طحنه وخبزه أوجه أحدها لا كالكفارة وبه قطع ابن كج‏.‏

والثاني إن كانت من أهل القرى الذين عادتهم الطحن والخبز بأنفسهم فلا وإلا فنعم وبه قال الماوردي وأصحها الوجوب مطلقاً لأنها في حبسه بخلاف الكفارة وعلى هذا تجب مؤنة طبخ اللحم وما يطبخ به‏.‏

ولو باعت الحب أو أكلته حباً ففي استحقاقها مؤنة إصلاحه احتمالان للإمام‏.‏

الرابعة ليس له تكليفها الأكل معه لا مع التمليك ولا دونه‏.‏

الخامسة لو كانت تأكل معه على العادة ففي سقوط نفقتها وجهان أقيسهما وهو الذي ذكره الروياني في البحر لا تسقط وإن جريا على ذلك سنين لأنه لم يؤد الواجب وتطوع بغيره‏.‏

الثاني تسقط فإنه اللائق بالباب‏.‏

قال الغزالي وهذا أحسنهما لجريان الناس عليه في الأعصار واكتفاء الزوجات به ولأنها لو طلبت النفقة للزمن الماضي والحالة هذه لاستنكر وبنى بعضهم هذا على المعاطاة إن جعلناها بيعاً برئت ذمته عن النفقة وإلا فلا وعليها غرامة ما أكلت ثم الوجهان في الزوجة البالغة أو صغيرة أكلت معه بإذن القيم فأما إذا لم يأذن القيم فالزوج متطوع ولا تسقط نفقتها بلا خلاف‏.‏

قلت الصحيح من الوجهين سقوط نفقتها إذا أكلت معه برضاها وهو الذي رجحه الرافعي في المحرر وعليه جرى الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده من غير نزاع ولا إنكار ولا خلاف ولم ينقل أن امرأة طالبت بنفقة بعده ولو كانت لا تسقط مع علم النبي صلى الله عليه وسلم بإطباقهم عليه لأعلمهم بذلك واقتصه من تركة من مات ولم يوفه وهذا مما لا شك فيه والله أعلم‏.‏

السادسة لو تراضيا باعتياضها عن النفقة دراهم أو دنانير أو ثياباً ونحوها جاز على الأصح‏.‏

ولو اعتاضت خبزاً أو دقيقاً أو سويقاً فالمذهب أنه لا يجوز وهو الذي رجحه العراقيون والروياني وغيره لأنه ربا وقطع البغوي بالجواز لأنها تستحق الحب وإصلاحه وقد فعله ولا يجوز السابعة النفقة تستحق يوماً فيوماً ولها المطالبة بها إذا طلع الفجر كل يوم كذا قاله الجمهور وفي المهذب إذا طلعت الشمس‏.‏

ولو قبضت نفقة يوم ثم ماتت أو أبانها في أثناء النهار لم يكن له الإسترداد بل المدفوع لورثتها لوجوبه بأول النهار‏.‏

ولو ماتت أو أبانها في أثناء النهار ولم تكن قبضت نفقة يومها كانت ديناً عليه‏.‏

وفي كتاب ابن كج له الإسترداد والصحيح الأول وبه قطع الجمهور‏.‏

ولو نشزت في النهار فله الإسترداد قطعاً ولو قبضت نفقة أيام أو شهر فهل تملك الزيادة على نفقة اليوم وجهان أحدهما لا للشك في استمرار الإستحقاق‏.‏

وأصحهما نعم كالأجرة والزكاة المعجلة فعلى هذا لو نشزت استرد نفقة المدة الباقية وإن ماتت أو أبانها استرد أيضاً على الأصح كالزكاة المعجلة وقيل لا لأنها صلة مقبوضة‏.‏

وإذا قلنا لا تملك إلا نفقة يوم فكلما دخل يوم ملكت نفقته‏.‏

الثامنة نفقة الخادم في وقت وجوب التسليم وفي استرداد المدفوع إليها كنفقة المخدومة بلا فرق الضرب الثاني ما تنتفع به مع بقاء عينه كالكسوة وفيها وجهان أحدهما لا يجب تمليكها وبه قال ابن الحداد واختاره القفال بل يكون إمتاعاً كالمسكن والخادم‏.‏

وأصحهما وينسب إلى النص يجب تمليكها كالنفقة والأدم وكسوة الكفارة ويجري الخلاف في كسوة الخادم وطرده البغوي في كل ما ينتفع به مع بقاء عينه كالفرش وظروف الطعام والشراب والمشط وألحق الغزالي في البسيط الفرش والظروف بالمسكن‏.‏

واعلم أن الكسوة تدفع إليها في كل ستة أشهر ثم تجدد كسوة الصيف للصيف والشتاء للشتاء وأما ما يبقى سنة أو أكثر كالفرش والبسط والمشط فإنما تجدد في وقت تجديده وكذلك جبة الخز والإبريسم لا يجدد في كل شتوة وعليه تطريتها على العادة ويتفرع على الوجهين في وجوب تمليك الكسوة صور‏.‏

منها لو سلم إليها كسوة الصيف فتلفت في يدها قبل مضي الصيف فلا تقصير لزمه الأبدال إن قلنا الكسوة إمتاع وإلا فلا على الصحيح‏.‏

ولو أتلفتها أو تمزقت قبل أوان التمزق لكثرة ترددها فيها وتحاملها عليها فإن قلنا الكسوة تمليك لم يلزم الأبدال وإن قلنا إمتاع لزمها قيمة ما أتلفت ولزمه الأبدال‏.‏

ومنها لو سلم إليها كسوة الصيف فماتت في أثنائه أو مات الزوج أو أبانها فله استردادها إن قلنا إمتاع وإلا فلا على الصحيح‏.‏

ومنها إذا لم يكسها مدة صارت الكسوة ديناً عليه إن قلنا بالتمليك وإلا فلا‏.‏

ومنها إن قلنا إمتاع لم يجز الإعتياض عنها كما لا يجوز للقريب أن يعتاض عن نفقته وإن قلنا تمليك ففي الإعتياض الخلاف السابق في الإعتياض عن النفقة‏.‏

ومنها لو أعطاها كسوة الصيف فمضى الصيف وهي باقية لرفقها بها فعليه كسوة الشتاء إن ومنها له أن يأخذ المدفوع منها ويعطيها غيره إن قلنا بالإمتاع وإلا فلا إلا برضاها‏.‏

ومنها لو ألبسها ثياباً مستعارة أو مستأجرة لم يجز على قولنا تمليك ويجوز على الإمتاع فإن تلف المستعار فالضمان على الزوج‏.‏

ومنها ليس بيع المقبوض إن قلنا إمتاع ويجوز على التمليك كالقوت فعلى هذا وجهان أحدهما ليس لها أن تلبس دون المقبوض كما في النفقة وأصحهما المنع لأن للزوج غرضاً في تجملها‏.‏

فرع ليس للزوج أن يدفع إليها ثمن الكسوة بل يجب تسليم الثياب وعليه مؤنة الخياطة‏.‏

 الباب الثاني في مسقطات النفقة

للباب مقدمة وأصل أما المقدمة فلا خلاف أن وقت وجوب تسليم النفقة صبيحة كل يوم والكسوة أول كل صيف وشتاء كما سبق وذلك بعد حصول التمكين وأما وقت ثبوتها في الذمة فللنفقة تعلق بالعقد والتمكين فإنها لا تجب قبل العقد ولكن تسقط بالنشوز وفيما تجب به قولان القديم تجب بالعقد كالمهر ولا تتوقف على التمكين بدليل وجوبها للمريضة والرتقاء لكن لو نشزت سقطت فالعقد موجب والنشوز مسقط وإذا حصل التمكين استقر الواجب يوماً فيوماً كالأجرة المعجلة إلا أن الأجرة يجب تسليمها بالعقد جملة للعلم بها والنفقة غير معلومة الجملة والجديد الأظهر أنها لا تجب بالعقد بل بالتمكين يوماً فيوماً فلو اختلفا فقالت مكنت من وقت كذا‏.‏

وأنكر الزوج ولا بينة فإن قلنا بالجديد فالقول قول الزوج وإلا فقولها لأن الأصل بقاء ما وجب بالعقد وقيل القول قوله قطعاً‏.‏

ولو اتفقا على التمكين وقال أديت نفقة المدة الماضية وأنكرت فالقول قولها سواء كان الزوج حاضراً عندها أم غائباً ولو لم يطالبها الزوج بالزفاف ولم تمتنع هي منه ولا عرضت نفسها عليه ومضت على ذلك مدة فإن قلنا بالقديم وجبت نفقة تلك المدة وإن قلنا بالجديد فلا‏.‏

ولو توافقا على التمكين وادعى أنها بعده نشزت وأنكرت فالصحيح أن القول قولها لأن الأصل البراءة قال الأصحاب إذا سلمت نفسها إلى الزوج فعليه النفقة من وقت التسليم‏.‏

ولو بعثت إليه إني مسلمة نفسي فعليه النفقة من حين بلغه الخبر فإن كان غائباً رفعت الأمر إلى الحاكم وأظهرت له التسليم والطاعة ليكتب إلى حاكم بلد الزوج فيحضره ويعلمه الحال فإن سار إليها عند إعلامه أو بعث إليها وكيله فتسلمها وجبت النفقة من حين التسليم وإن لم يفعل ومضى زمن الوصول إليها فرض القاضي نفقتها في ماله وجعل كالمتسلم لأن الإمتناع منه قال المتولي فإن لم يعرف موضعه كتب الحاكم إلى حكام البلاد التي تردها القوافل من تلك البلدة في العادة ليطلب وينادى باسمه فإن لم يظهر فرض القاضي نفقتها في ماله الحاضر وأخذ منها كفيلاً بما يصرف إليها لاحتمال وفاته وطلاقه ومن الأصحاب من لم يتعرض للرفع إلى القاضي ولا لكتابه وقال تجب النفقة من حين تصله ويمضي زمن إمكان القدوم عليها وكذا ذكره البغوي أما إذا لم تعرض نفسها على الزوج الحاضر أو الغائب ولا بعثت إليه فلا نفقة لها وإن طالت المدة تفريعاً على الجديد ولا تؤثر غيبة الزوج بعد التسليم ما دامت مقيمة على الطاعة وإن طالت المدة هذا كله إذا كانت عاقلة بالغة فأما المراهقة والمجنونة فلا اعتبار بعرضهما وبذلهما الطاعة وإنما الإعتبار فيهما بعرض الولي‏.‏

ولو سلمت المراهقة نفسها فتسلمها الزوج ونقلها إلى داره وجبت النفقة وكذا لو سلمت الزوجة نفسها إلى الزوج المراهق بغير إذن الولي وجبت النفقة بخلاف تسليم المبيع إلى المراهق لأن المقصود هناك أن تصير اليد للمشتري واليد في عقد المراهق للولي لا له‏.‏

 فصل موانع النفقة

وأما الأصل فبيان موانع النفقة وهي أربعة‏.‏

الأول النشوز فلا نفقة لناشزة وإن قدر الزوج على ردها إلى الطاعة قهراً فلو نشزت بعض النهار فوجهان أحدهما لا شيء لها‏.‏

والثاني لها بقسط زمن الطاعة إلا أن تسلم ليلاً وتنشز نهاراً أو بالعكس فلها نصف النفقة ولا ينظر إلى طول الليل وقصره وبالوجه الثاني قطع السرخسي ومنهم من رجح الأول وهو أوفق لما سبق فيما إذا سلم السيد الأمة المزوجة ليلاً فقط ونشوز المراهقة والمجنونة كالبالغة العاقلة‏.‏

فرع امتناعها عن الوطء والإستمتاع والزفاف بغير عذر نشوز فلو قالت سلم المهر لأسلم نفسي فإن جرى دخول أو كان المهر مؤجلاً فهي ناشزة إذ ليس لها الإمتناع والحالة هذه وإذا لم يجر دخول والمهر حال فلها النفقة من حينئذ هذا هو المذهب وفيه خلاف سبق في كتاب الصداق‏.‏

ولو حل المؤجل فهل هو كالمؤجل أم كالحال وجهان وبالأول قطع البغوي لأن العقد لم يثبت هذا الإمتناع‏.‏

ولو كانت مريضة أو كان بها قرح يضرها الوطء فهي معذورة في الإمتناع عن الوطء وعليه النفقة إذا كانت عنده وكذا لو كان الرجل عبلاً وهو كبير الذكر بحيث لا تحتمله فإن أنكر القرح المانع من الوطء فلها إثباته بقول النسوة وهل يشترط أربع نسوة لأنه شهادة يسقط بها حق الزوج أم تكفي إمرأة ويجعل إخباراً وجهان أصحهما الأول وبالثاني قال أبو إسحاق وكذا لو أنكر الضرر بسبب العبالة يرجع فيه إلى النسوة ولا بأس بنظرهن إليه عند اجتماعهما ليشهدن وليس لها الإمتناع من الزفاف بعذر عبالته كما سبق في أول كتاب الصداق ولها الإمتناع بعذر المرض لأنه متوقع الزوال‏.‏

فرع لو قالت لا أمكن إلا في بيتي أو في موضع كذا فهي ناشزة‏.‏

فرع هربها وخروجها من بيت الزوج وسفرها بغير إذنه نشوز ويستثنى عن الخروج ما إذا أشرف المنزل على الانهدام أو كان المنزل لغير الزوج فأخرجت فإن سافرت بإذنه فإن كان معه أو وحدها في حاجته وجبت نفقتها فإن كانت وحدها لحاجتها فلا نفقة على الأظهر وقيل لا نفقة قطعاً وعن ابن الوكيل طرد القولين فيما إذا كانت معه لحاجة نفسها وقطع الجمهور في هذه الصورة بالوجوب‏.‏

فرع تجب النفقة للمريضة والرتقاء والمضناة التي لا تحتمل الجماع سواء حدثت هذه الأحوال بعد التسليم أم قارنته لأنها أعذار دائمة وقد سلمت التسليم الممكن وتمكن من الإستمتاع بها من بعض الوجوه وكذا حكم أيام الحيض والنفاس قال البغوي ولو غصبت فلا نفقة وإن كانت معذورة لخروجها عن قبضته وفوات الإستمتاع بخلاف المريضة‏.‏

قلت ولو حبست ظلماً أو بحق فلا نفقة كما لو وطئت بشبهة فاعتدت والله أعلم‏.‏

فرع نشزت فغاب الزوج فعادت إلى الطاعة فهل يعود استحقاق النفقة وجهان وفي التتمة قولان أصحهما لا فعلى هذا يرفع هذا يرفع الأمر إلى القاضي ليقضي بطاعتها ويخبر الزوج بذلك فإذا عاد إليها أو بعث وكيله فاستأنف تسلمها عادت النفقة وإن مضى زمن إمكان العود ولم يعد ولا بعث وكيله عادت النفقة أيضاً‏.‏

فرع خرجت في غيبة الزوج إلى بيت أبيها لزيارة أو عيادة لا على وجه النشوز لا تسقط نفقتها ذكره البغوي‏.‏

المانع الثاني الصغر فإذا كانت صغيرة وهو كبير أو صغير فلا نفقة لها على الأظهر وإن كانت كبيرة وهو صغير وجبت النفقة على الأظهر وقيل قطعاً وقيل إن علمت صغره فقولان وإلا فتجب قطعاً‏.‏

ثم موضع الخلاف ما إذا سلمت إلى الزوج أو عرضت عليه فإن لم يوجد تسليم ولا عرض فالحكم كما سبق في الكبيرة وفي الوسيط ما يقتضي خلافه والمذهب الأول وإذا كان الزوج صغيراً كان العرض على وليه لا عليه والمراد بالصغيرة والصغير من لا يتأتى جماعه وبالكبير من يتأتى منه الجماع ويدخل فيه المراهق‏.‏

المانع الثالث العبادات وفيه مسائل إحداها إذا أحرمت بحج أو عمرة فلها حالان أحدهما أن تحرم بإذنه فإذا خرجت فقد سافرت في غرض نفسها فإن كان الزوج معها لم تسقط على المذهب كما سبق وإلا فتسقط على الأظهر وسواء خرجت بإذنه أم بغيرها ولا أثر لنهيه عن الخروج لوجود الإذن في الإحرام وعن القفال أنه إذا نهاها عن الخروج فلا نفقة قطعاً أما قبل الخروج فوجهان أحدهما لا نفقة لفوات الإستمتاع وأصحهما وجوبها لأنها في قبضته وتفويت الإستمتاع بسبب إذن فيه‏.‏

الحال الثاني أن تحرم بغير إذنه فقد سبق في الحج أن له أن يحللها من حج التطوع وكذا من الفرض على الأظهر فإن جوزنا له التحليل فلم يحلل فلها النفقة ما لم تخرج لأنها في قبضته وهو قادر على تحليلها والإستمتاع وقيل لا نفقة لأنها ناشزة بالإحرام والناشزة لا تستحق نفقة وإن قدر الزوج على ردها إلى الطاعة قهراً والصحيح الأول فإذا خرجت بغير إذنه فلا نفقة فإن خرج معها فعلى ما سبق وإن أذن في الخروج فعلى القولين في السفر بإذنه وإن قلنا ليس له التحليل فهي ناشزة من وقت الإحرام وقيل لها النفقة ما دامت مقيمة والصحيح الأول وحكي وجه شاذ أن الإحرام لا يسقط النفقة مطلقاً لأنها تسقط به فرضاً عليها‏.‏

المسألة الثانية في الصوم أما صوم رمضان فلا تمنع منه ولا تسقط النفقة بحال وأما قضاء رمضان فإن تعجل لتعديها بالإفطار لم تمنع منه ولم تسقط به النفقة على الأصح وإن فات الأداء بعذر وضاق وقت القضاء بأن لم يبق من شعبان إلا قدر القضاء فهو كأداء رمضان وإن كان الوقت واسعاً فقطع الأكثرون بأن له منعها من المبادرة إليه كصوم التطوع وقيل في جواز منعها وجهان وفي جواز إلزامها الإفطار إذا شرعت فيه وجهان مخرجان من القولين في التحليل من الحج فإن قلنا لا يجوز ففي سقوط النفقة وجهان أحدها تسقط كالحج والثاني لا لقصر الزمان وقدرته على الإستمتاع ليلاً‏.‏

قلت الأصح السقوط والله أعلم‏.‏

وأما صوم التطوع فلا تشرع فيه بغير إذن الزوج فإن أذن لم تسقط به نفقتها وإن شرعت فيه بلا إذن فله منعها وقطعه فإن أفطرت فلها النفقة وإن أبت فلا نفقة على الأصح وقيل تجب لأنها في داره وقبضته وحاصل هذا الوجه أن صوم التطوع لا يؤثر في النفقة وقيل إن دعاها إلى الأكل فأبت لم تسقط نفقتها وإن دعاها إلى الوطء فأبت سقطت لمنعها حقه وإذا قلنا بسقوط النفقة بامتناعها فعن الحاوي أن ذلك فيما إذا أمرها بالإفطار في صدر النهار فلو اتفق في آخره لم تسقط لفوت الزمان واستحسنه الروياني ولم يتعرض الجمهور لهذا التفصيل‏.‏

ولو نكحها وهي صائمة قال إبرهيم المروذي لا يجبرها على الإفطار وفي النفقة وجهان‏.‏

وأما صوم النذر فإن كان نذرا مطلقا فللزوج منعها منه على الصحيح لأنه موسع وإن كانت أياماً معينة نظر إن نذر بها قبل النكاح أو بعده بإذنه فليس له منعها وإلا فله ذلك وحيث قلنا له المنع فشرعت فيه وأبت أن تفطر فعلى ما ذكرنا في صوم التطوع‏.‏

وأما صوم الكفارة فهو على التراخي فللزوج منعها منه وعن الماوردي أنه إذا لم يمنعها حتى شرعت فيه فهل له إجبارها على الخروج منه وجهان وحيث قلنا تسقط النفقة بالصوم فهل تسقط جميعها أم نصفها للتمكن من الإستمتاع ليلاً وجهان في التهذيب‏.‏

قلت أرجحهما سقوط الجميع وقد سبق قريباً نظيره فيمن سلمت ليلاً فقط أو عكسه والله أعلم‏.‏

المسألة الثالثة فرائض الصلوات الخمس لا منع منها ولا تؤثر في النفقة بحال وهل له منعها من المبادرة بها في أول الوقت وجهان الأصح المنصوص ليس له لأن زمنها لا يمتد بخلاف الحج والتطوعات المطلقة كصوم التطوع وفي السنن الراتبة وجهان أصحهما ليس له منعها لتأكدها وله منعها من تطويلها وصوم يوم عرفة وعاشوراء كرواتب الصلاة وصوم الإثنين والخميس كالتطوع المطلق فله منعها قطعاً وله منعها من الخروج لصلاة العيدين والكسوفين وليس له المنع من فعلها في المنزل وقضاء الصلاة وفعل المنذورة كمثلهما في الصوم‏.‏

المسألة الرابعة الإعتكاف إن خرجت له إلى المسجد بإذنه وهو معها لم تسقط نفقتها وإن لم يكن معها فعلى الخلاف في الخروج للحج وقيل إن لم تزد على يوم لم يؤثر قطعاً فإن كان بغير إذنه نظر إن كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً أو معيناً نذرته بعد النكاح سقطت نفقتها وإن كان معيناً نذرته قبل النكاح فلا منع منه ولا تسقط به النفقة‏.‏

 فصل أجرت نفسها قبل النكاح

إجارة عين قال المتولي ليس للزوج منعها من العمل ولا نفقة عليه وعن الحاوي أن له الخيار إن كان جاهلاً بالحال لفوات الإستمتاع عليه بالنهار وأنه لا يسقط خياره بأن يرضى المستأجر بالإستمتاع نهاراً لأنه تبرع قد يرجع فيه‏.‏

المانع الرابع العدة المعتدة الرجعية تستحق النفقة والكسوة وسائر المؤن إلا آلة التنظف سواء كانت أمة أو حرة حاملاً أو حائلاً ولا تسقط نفقتها إلا بما تسقط به نفقة الزوجة وتستمر إلى انقضاء العدة بوضع الحمل أو غيره‏.‏

ولو ظهر بها أمارات الحمل بعد الطلاق لزم الزوج الإنفاق عليها فإذا أنفق ثم بان أنه لم يكن حمل فله استرداد المدفوع إليها بعد انقضاء العدة وتسأل عن قدر الأقراء فإن عينت قدرها صدقناها باليمين إن كذبها الزوج ولا يمين إن صدقها وإن قالت لا أعلم متى انقضت عدتي سألناها عن عادة حيضها وطهرها فإن ذكرت عادة مضبوطة عملنا على قولها وإن قالت عادتي مختلفة أخذنا بأقل عاداتها ورجع الزوج فيما زاد لأنه المستيقن وهي لا تدعي زيادة عليه وإن قالت نسيت عادتي فعن نص الشافعي رحمه الله أنه يرجع في نفقة ما زاد على ثلاثة أشهر أخذاً بغالب العادات وقال الشيخ أبو حامد يرجع فيما زاد على أقل ما يمكن انقضاء العدة فيه وبهذا قطع أبو الفرج وإن انقطع الولد الذي أتت به عن الزوج بأن ولدته لأكثر من أربع سنين إما من وقت الطلاق وإما من وقت انقضاء العدة على الخلاف السابق سئلت عن حال الولد فإن قالت هو من زوج نكحته أو وطء شبهة حصل بعد ثلاثة أقراء فعليها رد المأخوذ بعد الثلاثة‏.‏

وإن قالت حصل ذلك في أثناء الأقراء فقد انقطعت عدتها بوطء الثاني وإحباله فتعود بعد الوضع إلى ما بقي منها وعليه النفقة في البقية وأما في مدة الحمل فتبنى على أنه هل للزوج الرجعة فيها وفيه وجهان سبقا في الرجعة والعدة إن قلنا لا رجعة فلا نفقة وإلا فوجهان وقيل إن قلنا له الرجعة فلها النفقة وإلا فوجهان‏.‏

وكيف كان فالمذهب أنه لا نفقة في مدة الحمل وبه قطع الأكثرون فيسترجع ما أخذت لها‏.‏

ولو قالت وطئني الزوج وأنكر فهو المصدق بيمينه وتسأل عن وقت وطئه فإن قالت بعد انقضاء الأقراء ردت ما زاد وإن قالت عقب الطلاق فقد بان أنها لم تقض عدته فترد ما أخذت وتعتد بعد الوضع ثلاثة أقراء ولها النفقة فيها هكذا ذكره ابن الصباغ وغيره وإنما يستمر ذلك على قولنا إن العدتين المختلفتي الجنس من شخص لا تتداخلان‏.‏

فرع ادعت الرجعية تباعد الحيض وامتداد الطهر فالصحيح أنها تصدق في استمرار النفقة إلى أن تقر بمضي العدة كما تصدق في ثبوت الرجعة وقيل لا تصدق في النفقة فإنها حقها بخلاف الرجعة‏.‏

فرع وضعت حملاً وطلقها فقال طلقتك قبل وضعه وانقضت عدتك فلا نفقة الآن وقالت بل طلقتني بعد الوضع فلي النفقة فعليها العدة ولها النفقة لأن الأصل بقاء النكاح ولا رجعة له لأنها بائن بزعمه ولو وطئها قبل الوضع في الزمن الذي يزعم هو أنها مطلقة فيه لم يلزمه مهر المثل لأنها تزعم أن الوطء في النكاح‏.‏

ولو اختلفا بالعكس فقال طلقتك بعد الولادة فلي الرجعة وقالت بل قبلها وقد انقضت عدتي فالقول قوله في بقاء العدة وثبوت الرجعة ولا نفقة لها لزعمها‏.‏

 فصل البائن بخلع أو طلاق الثلاث لا نفقة لها

ولا كسوة إن كانت حائلاً وإن كانت حاملاً فعلى الزوج نفقتها وكسوتها وهل هي للحمل أم للحامل قولان أظهرهما للحامل بسبب الحمل ويتفرع على القولين مسائل إحداها المعتدة عن فرقة فسخ في استحقاقها النفقة إذا كانت حاملاً طرق أحدها إن حصلت الفرقة بما لا مدخل لها فيه كردة الزوج استحقت النفقة كالمطلقة وإن كان لها مدخل كفسخها بالعتق أو بعيبه أو فسخه بعيبها فقولان‏.‏

والثاني في المعتدات عن جميع الفسوخ قولان والثالث وهو الأصح وبه قال الجمهور إن كان الفرقة بسبب عارض كالرضاع والردة فلها النفقة كالطلاق وإن استند إلى سبب قارن العقد كالعيب والغرور فقولان‏.‏

والرابع وبه قطع المتولي تستحق النفقة حيث تستحق السكنى وإلا فقولان وقد سبق بيان السكنى وأما المفارقة باللعان إذا كانت حاملاً ولم ينف حملها ففيه الطرق ولا يخفى على الطريق الثالث أن اللعان سبب عارض وأما على الأول فقيل هو مما لها فيه مدخل لأنها أحوجته إليه والأصح أنه كالطلاق وإن نفى حملها لم تجب النفقة سواء قلنا هي للحمل أم للحامل وتستحق السكنى على الأصح في هذه الحالة ولو أبان زوجته بالطلاق ثم ظهر بها حمل وقلنا له أن يلاعن لنفيه فلاعن سقطت النفقة قال القاضي أبو الطيب فإن أثبتنا للملاعنة السكنى فهذه أولى لأنها معتدة عن طلاق وإلا فتحمل وجهين وإذا لاعن وهي حامل ونفاه ثم أكذب نفسه واستلحق الولد طولب بنفقة ما مضى نص عليه فقيل هو تفريع على أن النفقة للحامل أما إذا قلنا للحمل فلا مطالبة لأن نفقة القريب تسقط بمضي المدة وقال الجمهور تثبت المطالبة على القولين وهو المذهب لأنها وإن كانت للحمل فهي مصروفة إلى الحامل وهي صاحبة حق فيها فتصير ديناً كنفقة الزوجة‏.‏

ولو أكذب نفسه بعدما أرضعت الولد رجعت عليه بأجرة الرضاع على الصحيح المنصوص في الأم ولو أنفقت على الولد مدة ثم رجع رجعت عليه بما أنفقت على الصحيح المنصوص لأنها أنفقت على ظن وجوبه عليها فإذا بان خلافه ثبت الرجوع كما لو ظن أن عليه ديناً فقضاه فبان خلافه يرجع وكما لو أنفق على أبيه على ظن إعساره فبان موسراً يرجع عليه بخلاف المتبرع‏.‏

المسألة الثانية في وجوب نفقة الحامل المعتدة عن نكاح فاسد أو وطء شبهة وجهان إن قلنا للحمل وجبت وإلا فلا‏.‏

هذا إذا كانت الموطوءة بشبهة غير منكوحة فإن كانت منكوحة وأوجبنا نفقتها على الواطىء سقطت عن الزوج قطعاً وإلا فعلى الأصح واستحسن في الوسيط أنها إن وطئت نائمة أو مكرهة فلها النفقة وإن مكنت على ظن أنه زوجهاً فلا نفقة لأن الظن لا يؤثر في الغرامات‏.‏

المسألة الثالثة المعتدة عن الوفاة لا نفقة لها وإن كانت حاملاً سواء قلنا للحامل أو للحمل لأن نفقة القريب تسقط بالموت‏.‏

الرابعة هل تتقدر النفقة الواجبة كنفقة صلب النكاح أم تعتبر كفايتها سواء زادت أم نقصت فيه طريقان المذهب وبه قطع الجمهور أنها مقدرة وشذ الإمام ومتابعوه فحكوا خلافاً‏.‏

الخامسة إذا مات زوج البائن الحامل قبل الوضع إن قلنا النفقة للحمل سقطت لأن نفقة القريب تسقط بالموت وإن قلنا للحامل فوجهان أصحهما عند الإمام وبه قال ابن الحداد تسقط أيضاً لأنها كالحاضنة للولد ولا تجب نفقة الحاضنة بعد الموت وقال الشيخ أبو علي لا تسقط لأنها لا تنتقل إلى عدة الوفاة بل تتم عدة الطلاق والطلاق موجب‏.‏

قلت قال المتولي وكما تستحق البائن الحامل النفقة تستحق الأدم والكسوة سواء قلنا النفقة للحامل أو للحمل والله أعلم‏.‏

لا يجب تسليم النفقة قبل ظهور الحمل سواء قلنا هي للحمل أم للحامل فإذا ظهر هل يجب تسليمها يوماً بيوم أم تؤخر إلى أن تضع فتسلم الجميع دفعة واحدة قولان أظهرهما الأول لقول الله تعالى ‏"‏ وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ‏"‏ فإن قلنا تؤخر فقالت وضعت فكذبها فعليها البينة‏.‏

وإن قلنا بالتعجيل فادعت ظهور الحمل وأنكر فكذلك وتقبل فيهما شهادة النساء وقيل لا يعتمد قولهن إلا بعد مضي ستة أشهر والصحيح الذي عليه الجمهور أن ذلك ليس بشرط ولو كان ينفق على ظن الحمل فبان أن لا حمل فإن أوجبنا التعجيل أو أمره به الحاكم رجع عليها وإلا فإن لم يذكر أن المدفوع نفقة معجلة لم يرجع ويكون متطوعاً وإن ذكره وشرط الرجوع رجع وإلا فوجهان أصحهما يرجع وخرج القفال من هذه المسألة أن الدلال إذا باع متاعا لإنسان فأعطاه المشتري شيئاً وقال وهبته لك أو قال له الدلال وهبته لي فقال نعم فإن علم المشتري أنه ليس عليه أن يعطيه شيئاً فله قبوله وإن ظن أنه يلزمه أن يعطيه فلا وللمشتري الرجوع فيه وأجرة الدلال على البائع الذي أمره بالبيع‏.‏

فرع لو لم ينفق عليها حتى وضعت أو لم ينفق في بعض المدة فالمذهب أنه لا تسقط نفقة المدة الماضية بل يلزمه دفعها إليها وبهذا قطع الجمهور وقيل في سقوطها خلاف مبني على أنها للحمل أم للحامل‏.‏

فرع لو كان زوج البائن الحامل رقيقاً إن قلنا النفقة للحامل لزمته وإلا فلا لأنه لا يلزمه نفقة القريب‏.‏

ولو كان الحمل رقيقاً ففي وجوب النفقة على الزوج حراً كان أو عبداً قولان إن قلنا للحمل لم تجب بل هي على المالك وإلا فتجب‏.‏

فرع ذكر ابن كج أنه لو كان الحمل موسراً وقلنا النفقة للحمل وأنها تؤخر إلى أن تضع فإذا وضعت سلمت النفقة من مال الولد إلى الأم كما تنفق عليه في المستقبل من ماله قال ويحتمل عندي أن يكون ذلك على الأب وإن قلنا يجب التعجيل لم تؤخذ من مال الحمل بل ينفق الأب عليها فإذا وضعت ففي رجوعه في مال الولد وجهان‏.‏

فرع اختلفا فقالت وضعت اليوم وطالبت بنفقة شهر قبله وقال بل وضعت من شهر قبله فالقول قولها لأن الأصل عدم الوضع وبقاء النفقة‏.‏

ولو وقع هذا الإختلاف والزوجة رقيقة فإن قلنا النفقة للحمل فلا معنى لهذا الإختلاف ولا شيء عليه قبل الوضع ولا بعده وإن قلنا للحامل فهي كالحرة‏.‏

ولو وقع هذا الإختلاف بين موطوءة بشبهة أو نكاح فاسد وبين الواطىء فإن أوجبنا نفقتها بناء على أن النفقة للحمل فالقول قولها بيمينها وإن لم نوجبها فلا معنى للإختلاف لكن لو اختلفا على العكس لنفقة الولد فقالت ولدت من شهر فعليك نفقة الولد لشهر وقال بل ولدت أمس بني على أن الأم إذا أنفقت على الولد أو استدانت للنفقة عليه هل ترجع على الأب وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع أبرأت الزوج من النفقة قال المتولي إن قلنا النفقة للحامل سقطت وإن قلنا للحمل فلا ولها المطالبة بعد الإبراء ولك أن تقول إن كان الإبراء عن نفقة الزمن المستقبل فقد سبق حكمه وإن كان عما مضى فالنفقة مصروفة إليها على القولين وقد سبق أن الراجح أنها تصير دينا لها حتى تصرف إليها بعد الوضع فينبغي أن يصح إبراؤها على القولين‏.‏

فرع ذكر المتولي أنه لو أعتق أم ولده وهي حامل منه لزمه نفقتها إن قلنا النفقة للحمل وإن قلنا للحامل فلا وأنه لو مات وترك أباه وامرأته حبلى لها مطالبة الجد بالنفقة إن قلنا النفقة للحمل وإن قلنا للحامل فلا وقطع البغوي بأنها لا تطالب الجد ويقرب منه كلام الشيخ أبي علي‏.‏

فرع نشزت الزوجة وهي حامل حكى ابن كج تخريج سقوط النفقة على أنها للحمل أو للحامل والمذهب القطع بسقوطها وإنما الخلاف في البائن لا في الزوجة‏.‏

فرع لو أنفق على من نكحها نكاحاً فاسداً مدة ثم بان فساد النكاح وفرق بينهما قال الأصحاب لا يسترد ما أنفق عليها بل يجعل ذلك في مقابلة استمتاعه وسواء كانت حاملاً أو حائلاً وبالله التوفيق‏.‏

 الباب الثالث في الإعسار بنفقة الزوجة

فيه أربعة أطراف الطرف الأول في ثبوت الفسخ به فإذا عجز الزوج عن القيام بمؤن الزوجة الموظفة عليه فالذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه في كتبه قديماً وجديداً أنها بالخيار إن شاءت صبرت وأنفقت من مالها أو اقترضت وأنفقت على نفسها ونفقتها في ذمته إلى أن يوسر وإن شاءت طلبت فسخ النكاح وقال في بعض كتبه بعد ذكر هذا وقد قيل لا خيار لها‏.‏

وللأصحاب طريقان أحدهما القطع بأن لها حق الفسخ وهذا أرجح عند ابن كج والروياني وأصحهما إثبات قولين المشهور منهما أن لها الفسخ والثاني لا فالمذهب ثبوت الفسخ فأما إذا امتنع من دفع النفقة مع قدرته فوجهان أحدهما لها الفسخ لتضررها وأصحهما لا فسخ لتمكنها من تحصيل حقها بالسلطان وكذا لو قدرت على شيء من ماله أو غاب وهو موسر في غيبته ولا يوفيها حقها ففيه الوجهان أصحهما لا فسخ وكان المؤثر تغيبه لخراب ذمته ولكن يبعث الحاكم إلى حاكم بلده ليطالبه إن كان موضعه معلوماً وعلى الوجه الآخر يجوز الفسخ إذا تعذر تحصيلها وهو اختيار القاضي الطبري وإليه مال ابن الصباغ وذكر الروياني وابن أخته صاحب العدة أن المصلحة الفتوى به وإذا لم نجوز الفسخ والغائب موسر فجهلنا يساره وإعساره فكذلك الحكم لأن السبب لم يتحقق ومتى ثبت إعسار الغائب عند حاكم بلدها فهل يجوز الفسخ أم لا يفسخ حتى يبعث إليه فإن لم يحضر ولم يبعث النفقة فحينئذ يفسخ فيه وجهان أصحهما الأول وبه قطع المتولي ولو كان الرجل حاضراً وماله غائب فإن كان على دون مسافة القصر فلا فسخ ويؤمر بتعجيل الإحضار وإن كان على مسافة القصر فلها الفسخ ولا يلزمها الصبر‏.‏

ولو كان له دين مؤجل فلها الفسخ إلا أن يكون الأجل قريباً وينبغي أن يضبط القرب بمدة إحضار المال الغائب فيما دون مسافة القصر وإن كان الدين حالاً وهو على معسر فلها الخيار وإن كان على موسر حاضر فلا خيار وإن كان غائباً فوجهان ولو كان له دين على زوجته فأمرها بالإنفاق منه فإن كانت موسرة فلا خيار لها وإن كانت معسرة فلها الفسخ لأنها لا تصل إلى حقها والمعسر منظر وعلى قياس هذه الصور لو كان له عقار ونحوه لا يرغب في شرائه ينبغي أن يكون لها الخيار ومن عليه ديون تستغرق ماله لا خيار لزوجته حتى يصرف ماله إلى الديون‏.‏

لو تبرع رجل بأداء النفقة عن المعسر لم يلزمها القبول ولها الفسخ كما لو كان له دين على إنسان فتبرع غيره بقضائه لا يلزمه القبول لأن فيه منة للمتبرع وحكى ابن كج وجهاً أنه لا خيار لها لعدم تضررها بفوات النفقة والصحيح الأول‏.‏

قال المتولي ولو كان بالنفقة ضامن ولم نصحح ضمان النفقة فالضامن كالمتبرع وإن صححناه فإن ضمن بإذن الزوج فلا خيار وبغير إذنه وجهان‏.‏

فرع

 فصل القدرة بالكسب كالقدرة بالمال

فلو كان يكسب كل يوم قدر النفقة فلا خيار ولو كان يكسب في يوم ما يكفي لثلاثة أيام ثم لا يكسب يومين أو ثلاثة ثم يكسب في يوم ما يكفي للأيام الماضية فلا خيار لأنه غير معسر ولا تشق الإستدانة لما يقع من التأخير اليسير وكذا الحكم في النساج الذي ينسج في الأسبوع ثوباً تفي أجرته بنفقة الأسبوع كذا قاله أبو إسحاق والماوردي وصاحبا المهذب و التهذيب وقد ذكرنا في المال الغائب على مسافة القصر أن لها الخيار وقد يمكن إحضاره فيما دون أسبوع والوجه التسوية‏.‏

قلت المختار هنا أنه لا خيار كما ذكره هؤلاء الأئمة والله أعلم‏.‏

وإذا عجز العامل عن العمل لمرض فلا فسخ إن رجي زواله في نحو ثلاثة أيام وإن كان يطول فلها الفسخ قال المتولي ولو كان يكسب في بعض الأسبوع نفقة جميعه فتعذر العمل في أسبوع لعارض فلها الخيار على الأصح وإذا لم يستعمل البناء والنجار وتعذرت النفقة كذلك قال الماوردي لا خيار إن كان ذلك نادراً وإن كان يقع غالباً فلها الخيار‏.‏

فرع القادر على الكسب إذا امتنع كالموسر الممتنع إن أوجبنا الإكتساب لنفقة الزوجة وفيه خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع إنما يثبت الفسخ بالعجز عن نفقة المعسر فلو عجز عن نفقة المتوسط فلا خيار‏.‏

ولو قدر كل يوم على دون نصف مد أو يوماً مداً ويوماً لا يجد شيئاً فلها الخيار على الصحيح

ولو وجد بالغداة ما يغديها وبالعشي ما يعشيها فلا خيار على الأصح‏.‏

 فصل لو أعسر بالأدم فلا خيار على الأصح

عند الأكثرين وقال الداركي‏.‏

يثبت‏.‏

وقال الماوردي إن كان القوت مما ينساغ دائماً للفقراء بلا أدم فلا خيار وإلا فيثبت‏.‏

 فصل يثبت الخيار بالإعسار بالكسوة

على المذهب وبالمسكن على الأصح ولا يثبت بالإعسار بنفقة الخادم على الصحيح المنصوص لأنه ليس ضرورياً‏.‏

 فصل الإعسار بالمهر

فيه طرق منتشرة المذهب منها عند الجمهور يثبت الفسخ إن كان قبل الدخول ولا يثبت بعده وقيل يثبت فيهما قطعاً ورجحه البغوي وغيره وقيل بالمنع قطعاً وقيل قولان وقيل يثبت قبله وفي بعده قولان وقيل لا يثبت بعده وفي قبله قولان ولا خيار للمفوضة لأنها لا تستحق المهر بالعقد على الأظهر لكن لها المطالبة بالفرض فإذا فرض صار كالمسمى فصل إذا لم ينفق على زوجته مدة وعجز عن أدائها لم يكن بسبب ما مضى حتى لو لم يفسخ في يوم جواز الفسخ فوجد نفقة بعده فلا فسخ لها بنفقة الأمس وما قبله كسائر ديونها وقيل هو كالإعسار بالمهر بعد الدخول وليس بشيء ثم نفقة الماضي لا تسقط بل تبقى ديناً في ذمته سواء ترك الإنفاق بعذر أم لا وسواء فرض القاضي نفقتها أم لا ويثبت الأدم في الذمة كالنفقة وكذا نفقة الخادم على المشهور وتثبت الكسوة إن قلنا يجب فيها التمليك وإن قلنا إمتاع فلا ولا تثبت مؤنة السكنى على المذهب‏.‏

الطرف الثاني في حقيقة هذه الفرقة فإذا ثبت حق التفريق بسبب الإعسار فلا بد من الرفع إلى القاضي لأنه مجتهد فيه وحكى المتولي وغيره وجهاً أن للمرأة أن تتولى الفسخ بنفسها من غير رفع إلى القاضي كفسخ البيع بالعيب والصحيح المنصوص الأول وبه قطع الجمهور وعلى هذا يتولى القاضي الفسخ بنفسه أو يأذن لها فيه وهو مخير فيهما وقيل إنما يستقل بالفسخ بعد ثبوت الإعسار عنده والصحيح الأول‏.‏

وتكون هذه الفرقة فسخاً على الصحيح المنصوص وفي قول مخرج هي طلاق فعلى هذا يأمره الحاكم بالتحمل في الإنفاق فإن أبى فهل يطلق الحاكم بنفسه أم يحبسه ليطلق فيه القولان في المولى فإن طلق طلق طلقة رجعية فإن راجع طلق ثانية وثالثة أما إذا لم ترفع إلى القاضي بل فسخت بنفسها لعلمها بعجزه فلا ينفذ ظاهراً وهل ينفذ باطناً حتى إذا ثبت إعساره متقدماً على الفسخ إما باعتراف الزوج وإما ببينة يكتفى به وتحسب العدة منه فيه وجهان قال في البسيط ولعل هذا فيما إذا قدرت على الرفع إلى القاضي فإن لم يكن في الناحية قاض ولا محكم فالوجه إثبات الإستقلال بالفسخ‏.‏

الطرف الثالث في وقت الفسخ قد سبق أنها تستحق تسلم النفقة كل يوم بطلوع الفجر فإذا عجز فهل ينجز الفسخ أم يمهل ثلاثة أيام قولان أظهرهما الإمهال وقطع به جماعة وادعى ابن كج أنه طريقة الجمهور فإن قلنا لا يمهل ثلاثاً فوجهان أحدهما لها المبادرة إلى الفسخ في أول النهار وأقربهما ليس لها المبادرة فعلى هذا هل يؤخر الفسخ إلى نصف النهار أم إلى آخره أم إلى آخر الليلة بعده فيه احتمالات أرجحها عند الغزالي الثالث ثم هذا إذا لم يتخذ ذلك عادة فأما إن اعتاد إحضار الطعام ليلاً فلها الفسخ ويقرب من هذا ما ذكره صاحب العدة أنه لو لم يجد النفقة في أول النهار وكان يجدها في آخره فلها الفسخ على الأصح فإذا قلنا لا فسخ في أول النهار فلو قال صبيحة اليوم أنا عاجز لا أتوقع شيئاً فهل لها الفسخ في الحال لتصريحه بالعجز أم يلزم التأخير فقد يرزق من حيث لا يحتسب فيه احتمالان أرجحهما الثاني أما المذهب وهو الإمهال ثلاثة أيام فيتفرع عليه مسألتان إحداهما إذا مضت الثلاثة فلها الفسخ صبيحة الرابع إن لم يسلم نفقته وإن سلمها لم يجز الفسخ لما مضى وليس لها أن تقول آخذ هذا عن نفقة بعض الأيام الثلاثة وأفسخ بتعذر نفقة اليوم لأن الإعتبار في الأداء بقصد المؤدي فلو توافقا على جعلها عما مضى فيحتمل أن يقال لها الفسخ ويحتمل أن تجعل القدرة عليها مبطلة للمهلة ولو مضى يومان بلا نفقة ووجد نفقة الثالث وعجز في الرابع فهل تستأنف المدة أم يبنى فتصير يوماً آخر فقط وجهان أصحهما البناء ولو لم يجد نفقة يوم ووجد نفقة الثاني وعجز في الثالث وقدر في الرابع لفقت أيام العجز فإذا تمت مدة المهلة فلها الفسخ ولو مضت ثلاثة أيام في العجز ووجد نفقة الرابع وعجز في الخامس فالأصح وبه قال الداركي أن لها الفسخ ويكفي الإمهال السابق قال الروياني وقيل يمهل مرة أخرى إن لم تتكرر‏.‏

المسألة الثانية يجوز لها الخروج في مدة الإمهال لتحصيل النفقة بكسب أو تجارة أو سؤال وليس له منعها من الخروج وقيل له منعها وقيل إن قدرت على الإنفاق بمالها أو كسب في بيتها كالخياطة والغزل فله منعها وإلا فلا والصحيح المنصوص أنه ليس له منعها مطلقاً لأنه إذا لم يوف ما عليه لا يملك الحجر قال الروياني وعليها أن تعود إلى منزله بالليل‏.‏

ولو أراد الإستمتاع بها قال الروياني ليس لها المنع وقال البغوي لها المنع وهو أقرب ولا شك أنها إذا منعت نفسها منه لا تستحق نفقة مدة الإمتناع فلا تثبت ديناً عليه‏.‏

فرع إذا قلنا بالإمهال فمضت المدة فرضيت بإعساره والمقام معه أو لم نقل بالإمهال فرضيت ثم أرادت الفسخ فلها الفسخ لأن الضرر متجدد ولا أثر لقولها رضيت بإعساره أبداً لأنه وعد لا يلزم الوفاء به ولو نكحته عالمة بإعساره فلها الفسخ أيضاً وإذا عادت إلى طلب الفسخ بعد الرضى جدد الإمهال على قولنا يمهل ولا يعتد بالماضي وفيه احتمال للإمام والروياني وهو ضعيف وإذا اختارت المقام معه لم يلزمها التمكين من الإستمتاع ولها الخروج من المنزل ذكره البغوي وغيره فإن لم تمنع نفسها منه ثبت في ذمته ما يجب على المعسر من الطعام والأدم فرع إذا أعسر بالمهر ومكنها الحاكم من الفسخ فرضيت بالمقام معه ثم أرادت الفسخ فليس لها لأن الضرر لا يتجدد هكذا الجمهور وهو المذهب وقال الماوردي إن كانت المحاكمتان معاً قبل الدخول أو بعده فكذلك وإن كانت المحاكمة الأولى قبل الدخول والأخرى بعده فوجهان‏.‏

وجه تجويز الفسخ أن بالدخول استقر ما لم يكن مستقراً فالإعسار به يجدد خياراً ولو نكحته عالمة بإعساره بالصداق فليس لها الفسخ على الأصح كما لو رضيت به في النكاح ثم بدا لها بخلاف النفقة وليس لها الإمتناع بعد الدخول إذا مكناها من الفسخ واختارت المقام ولا بد في الإعسار بالمهر من حكم القاضي كالنفقة والخيار فيه بعد المرافعة على الفور فلو أخرت الفسخ سقط ولو علمت إعساره وأمسكت عن المحاكمة فإن كان كذلك بعد طلبها المهر كان رضى بالإعسار وسقط خيارها وإن كان قبل المطالبة لم يسقط فقد تؤخر المطالبة لتوقع اليسار ذكره الروياني‏.‏

الطرف الرابع فيمن له حق الفسخ وهو للزوجة إن شاءت فسخت وإن شاءت صبرت ولا اعتراض للولي عليها وليس له الفسخ بغير توكيلها وليس لولي الصغيرة والمجنونة الفسخ وإن كان فيه مصلحتهما وينفق عليهما من مالهما فإن لم يكن لهما مال فنفقتهما على من عليه نفقتهما لو كانتا خليتين وتصير نفقة الزوجة ديناً عليه يطالب به إذا أيسر وكذا لا يفسخ الولي بإعسار الزوج بالمهر إن جعلناه مثبتاً للخيار ولو أعسر زوج الأمة بالنفقة فلها الفسخ كما تفسخ بجبه ولأنها صاحبة حق في تناول النفقة فإن أرادت الفسخ لم يكن للسيد منعها فإن ضمن النفقة فهو كالأجنبي يضمنها ولو رضيت بالمقام أو كانت صغيرة أو مجنونة فهل للسيد الفسخ فيه أوجه الأصح ليس له وبه قطع ابن الحداد والبغوي وجماعة وعلى هذا لا يلزم السيد نفقة الكبيرة العاقلة بل يقول افسخي أو اصبري على الجوع والثاني له والثالث له في الصغيرة والمجنونة وأما إذا أعسر زوجها بالمهر وقلنا يثبت به الفسخ فالفسخ للسيد لأنه محض حقه لا تعلق للأمة به ولا ضرر عليها في فواته وقيل ليس له الفسخ وهو غلط‏.‏

فرع قال الإمام والغزالي تتعلق نفقة الأمة المزوجة بالأمة وبالسيد أما السيد فلأنها تدخل في ملكه لأن الأمة لا تملك لكنها بحكم النكاح مأذون لها في القبض وبالعرف في تناول المقبوض‏.‏

وأما الأمة فلها مطالبة الزوج كما كانت تطالب السيد وإذا أخذتها فلها أن تتعلق بالمأخوذ ولا تسلم إلى السيد حتى تأخذ بدله وله الأبدال لحق الملك‏.‏

والحاصل أن له حق الملك ولها حق التوثق ولا يجوز للسيد الإبراء من نفقتها ولا بيع المأخوذ قبل تسليم البدل إليها وفي التتمة ما يخالف بعض هذه الجملة فإنه قال حق الإستيفاء للسيد فلو سلمها الزوج إليها بغير إذن السيد لم يبرأ ولهذا لو قبض النفقة وأنفق عليها من ماله جاز والأول أصح وذكر البغوي أنها لو أبرأت الزوج عن نفقة اليوم جاز وليس لها الإبراء عما صار ديناً في ذمته كما في الصداق وقد تنازع قياس الملك في الإبراء من نفقة اليوم لكن نفقة اليوم للحاجة الناجزة وكانا لا يثبت الملك للسيد إلا بعد الأخذ وأما قبله فتمحض الحق لها ولو اختلفت الأمة وزوجها في تسليم نفقة اليوم أو أيام مستقبلة فالقول قولها بيمينها ولا أثر لتصديق السيد الزوج ولو اختلفا في النفقة الماضية وصدق السيد الزوج فوجهان أحدهما كان السيد شاهدا له ولا يثبت المدعى بتصديقه وأصحهما يثبت وتكون الخصومة في النفقة الماضية للسيد لا لها كالمهر وبهذا قطع المتولي كما لو أقر السيد بأن العبد جنى خطأ وأنكر العبد لا يلتفت إلى إنكاره‏.‏

ولو أقرت الأمة بالقبض وأنكر السيد فالصحيح المنصوص أن القول قولها لأن القبض إليها بحكم النكاح أو صريح الإذن وقيل قول السيد لأنه المالك‏.‏

جميع ما ذكرناه تفريع على المذهب وهو ثبوت الفسخ بالإعسار بالنفقة فإذا قلنا لا يثبت فلها الخروج من المسكن لطلب النفقة إن احتاجت إليه لتحصيلها وكذا لو أمكنها أن تنفق من مالها في المسكن أو أن تكسب بغزل ونحوه في المسكن على الأصح ولها منعه من الوطء على الأصح وشرط الغزالي فيه كونها لم تمكن من قبل ولم يشترطه الأكثرون‏.‏

 فصل إذا مضت مدة لم ينفق فيها على الزوجة

فاختلفا فقالت كنت موسراً في تلك المدة وقال كنت معسراً فإن عرف له مال فالقول قولها وإلا فقوله‏.‏

فصل قد سبق أن نفقة زوجة العبد من أين تكون وإذا لم يكن العبد مأذوناً له في التجارة ولا كسوباً فقد حكينا قولاً قديماً أن المهر على سيده ويكون بالإذن في النكاح ضامناً‏.‏

قال الخضري وغيره وذلك القول يجيء في النفقة بطريق الأولى لأن الحاجة إليها أمس‏.‏

فلو كان العبد ينفق من كسبه فعجز بزمانة وغيرها فعلى القديم للزوجة مطالبة السيد وعلى الأظهر لها أن تفسخ أو تصير نفقتها ديناً في ذمة العبد‏.‏

إذا عجز عن نفقة أم ولده فعن الشيخ أبي زيد أنه يجبر على عتقها أو تزويجها إن وجد راغب فيها وقال غيره لا يجبر عليه بل يخليها لتكسب وتنفق على نفسها‏.‏

قلت هذا الثاني أصح فإن تعذرت نفقتها بالكسب فهي في بيت المال والله أعلم‏.‏

 فصل قد سبق في كتاب الضمان ضمان النفقة

وبالله التوفيق